تدوين: يحيى السلماني
مع قدوم صيف كل عام، تحظى محافظة ظفار بهبوب
الرياح الموسمية الماطرة، فترتوي سهولها، وتمتلئ ابارها وتتدفق عيونها وتنساب
المياه في أفلاجها، ثم تتزين جبالها وتلالها ومُنحدراتها بمناظر الشلالات المائية
التي تُسلب لبّ الناظر، ومع قدوم كل صيف، نتوقع أن تكون الجهات المختصة قد انتهت
"فعليّاً" من إنجاز جلّ مشاريعها التي تُسهم في حل إشكاليات كثيرة تُعاني منها ولايات هذه المحافظة
التي تتمتع بطبيعتها الطوبوغرافية الفريدة ومناخاتها الإستثنائية. من بين هذه الإشكالات، على سبيل
المثال لا الحصر، تصريف مياه الأمطار في مدينة صلالة، واستثمار كميات المياه
الوافرة من خلال إنشاء سدود (تغذية وحماية) إضافية، وتعزيز البنى التحتية للهندسة
المدنية الخاصة بمسالك الطرق الرئيسية والفرعية. ألا أنه يبدو لنا أننا سنظل نعايش حكايات ذات
الوضع الذي اعتدناه لعقود خلت، والمنخفض المداري الذي تعرضت له المحافظة مؤخرا يُدلل
على صدق هذا التوقع.
ساعتين فقط من هطول الأمطار على محافظة ظفار،
كانت كفيلة بكشف النقاب عن ذات العيوب التي أضحت، كعادتها، حديث الساعة في مجالس
بيوتنا ومجالس منصاتنا الإجتماعية، بعد ساعتين فقط، غُمرت مدينة صلالة ومختلف
ولايات المحافظة بأحيائها السكنية والتجارية بالمياه، وعانت الطرق الرئيسية من
التشققات والانهيارات رغم حداثتها، فتعطّلت انسيابية المرور، ولم تُفلح "أساطيل"
من صهاريج "تناكر" المياه من
شفطها وإعادة الوضع على ما كان عليه، وهذه شهادة جيدة لا بد من أن تُروى للكشف عن
نتائج "إختبار كفاءة" ما تم انجازه من مشاريع خدمية خلال المرحلة
المنصرمة.
إن تكرّر مشاهدتنا لهكذا مشاهد ناتجة بطبيعة
الحال عن "أخطاء" فنية فادحة و"سوء" تخطيط حضري مبني على أُسس
علمية حديثة، إضافة إلى "تدنّي" مستوى الرقابة الرسمية، كلها باتت تُشكّل
"علامة استفهام" كبيرة، ولغزًا مُحيرًا. فعلى مدى عقود، لم يتم وضع
بدائل مناسبة رغم كل "الأغلفة المالية" التي يتم رصدها سنويّاً لإعادة النظر على هكذا أوضاع بعين الجدية
والإعتبار.
من جانب اخر، إقتصر دور الإعلام بمختلف
أدواته (مقروءة ومسموعه ومرئية) على نقل المشاهد الطبيعية لتدفق مياه الأدودية مع التركيز على إنحدار المياه على شكل شلالات
مائية، وظلّ يُخصص جل مساحات تغطيته وكأنه "يُروّج" لموسم سياحي أكثر
خصباً، متغافلاً أولا: الاثار الجانية لتدفق هذه المياه على الأحياء السكنية
والتجارية والمنشات الصحية في ظل غياب رؤية "فنّية" واضحة تتدارك هذه
الإشكاليات، وثانياً، لم تُكلّف إدارات وسائل الإعلام المحلية مُحرري نشراتها
الإخبارية ومُعديّ برامجها (إذاعية وتلفزيونية) من التحضير لإعداد برامج مُتخصصة تعتمد
فيه على سياسة التحليل واستقصاء الأسباب الكامنة وراء ضُعف البُنى التحتية،
واقتصرت تغطيتها الإعلامية (التقليدية) على بث مشاهد مُتكررة لحالة المُنخفض
المداري، وهي تغطية (مُنخفضة) باتت تُصيب مُتابعيها بالتململ في ظل وجود بدائل حديثة
يعتمد عليها المتابع للحالة المدارية للحصول على محتوى ذات المضمون وبقوالب فنيّة
قد تتفوق في بعض الأحيان على تلك المنقولة عبر وسائل الإعلام الرسمية...! نتسائل: إلى متى سيستمر الحال على هذا الوضع المُخجل؟ نتمنى للأمور أن تتغير للأفضل، وأن يصبح "المطر صديق الفقراء" كما تمنت الكاتبة "شهرزاد"، مع كل
التقدير لجهود الجميع...!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق