نبتة الدفلة هي إحدى الشجيرات
التي تنتشر في حدائقنا العامة وتُغرس على محاذاة شوارعنا الرئيسية والفرعيّة، بل أصبحت
هذه الشجرة اليوم شائعة في أحيائنا السكنية حيث تتزيّن بها حدائق بيوتنا، هذه
الشجرة الدائمة الخضرة تتميّز بأغصانها الطويلة، وأوراقها السميكة، وزهورها التي
تتلوّن بالوردي والأصفر والأبيض. قد تبدو هذه الشجرة للبعض بأنها فصيلة جديدة
مُستحدثة، ألا أن المصادر العلمية تشير إلى أن الشعوب القديمة قد استخدمتها في
الكثير من الأغراض الطبية.
وبهذا يمتد وجود هذه الشجر لآلاف
السنين، فقد وَرَدَ ذكرها في نصوص قديمة وروايات شعبية منذ
أكثر من 1500 سنة، فاستخدمها الإغريق، والبابليون والرومان والعرب والهنود،
وبالرغم من سميّتها تبين الدراسات أن لها خصائص علاجية، فقد استخدمت عصارات
أوراقها وأغصانها لمعالجة العديد من الأمراض من بينها على سبيل المثال لا الحصر:
التهاب الجلد والأكزيما والصدفية والقروح والأورام والربو والملاريا والسكري.
ويُستخلص من هذه الشجرة مادة منشطة للقلب ومُضادة للبكتيريا، وتساعد في الحد من انتشار
الخلايا السرطانية في الرئة. كما أن زهرة الدفلى صُممّت كرمز
رسمي لمدينة هيروشيما اليابانية، باعتبارها أولى الأزهار التي تفتّحت بعد إلقاء
القنبلة الذرية على المدينة عام 1945.
وبالرغم من الفوائد الطبية
لهذه الشجرة ألا أن هناك بعض الدراسات الحديثة تُؤكد على أنها تتسبّب لمُتلقي
العلاج بها بالغثيان والاسهال والخمول والكسل، وتسبب الصداع والام المعدة، ومشاكل
خطيرة في القلب. وتصفها بعض الدراسات المختصة في علوم النباتات أن هذه الشجرة
تعتبر أحد مصادر التسمم النباتي الخطير، فعلى سبيل المثال: أصبحت شجرة الدفلى
تلاقي سمعة سيئة في سيريلانكا لارتباطها في الأذهان كأداة للانتحار، وهي تُسبّب في
نظرهم الإغماء ثم الموت.
وتُشير بعض الدراسات إلى إن
الطبخ على نار حطب "الدفلى" قد يُسمّم الطعام المطبوخ أو اللحم المشوي، وأظهرت
دراسات أجريت على حيوانات أعطيت خلاصة "الدفلى" أن الثدييات حسّاسة بشكل
خاص، حيث أن الأبقار والأغنام والخيول قد تنفق إذا تناولتها وحتى إذا شربت ماء
سقطت فيه أوراقها.
تقارير طبيّة أكدت أن يخضع
الشخص في حال أكلها إلى عناية طبية فورية؛ حيث يتم اللجوء إلى حفز التقيؤ وغسل
المعدة كإجراءين وقائيين لتقليل امتصاص الجسم للمركبات السامة. يأتي ذلك في الوقت
الذي بيّنت فيه تقارير بأنه قلّما يُبّلغ عن حوادث تسمم للبشر نتيجة تناول "الدفلى".
تزهر "الدفلى" طوال
فصل الصيف حتى الخريف، وتتنوع ألوان أزهارها بين الزهري والأحمر والبنفسجي والأبيض
والأصفر، وتزرع على نطاق واسع كأشجار زينة أو كأسيجة حول الأراضي وفي الحدائق
العامة والخاصة وعلى جوانب الشوارع والطرق السريعة؛ لأنها تتحمّل الجفاف، كما أن
سمّيتها تردع الحيوانات عن العبث بها ويمكن اعتبارها مبيداً طبيعيّاً للحشرات. المصادر
الزراعية تشير إلى أن شجرة "الدفلى" شجرة جميلة دائمة الاخضرار تنمو حتى
ارتفاع نحو ستة أمتار، وهي تتكيف مع تشكيلة واسعة من الظروف، ومنها المناطق شبه
الجافة والمعتدلة، ومن مزاياها أنها تتحمّل الجفاف والرياح والمياه المالحة، وتتكيف
مع خصائص تربة الأراضي الرطبة.
وفي
الوقت الذي يطالب فيه بعض المختصون في مجالي الصحة والبيئة بإزالة هذه الأشجار باعتبار
أوراقها تحمل مواد شديدة "السمّية" للإنسان والحيوان والطيور واستبدالها
بأشجار أخرى، في المُقابل، هُناك من يؤكّد بان هذه
النبتة لا تبلغ حدّ "السميّة" إلا إذا "تناول الانسان منها ما
يعادل 30 – 100 جرام"، وتُلفت الدراسة على أن هذه النباتات موجودة في الحدائق
في مختلف دول العالم، وهي "تُساعد على امتصاص ملوثات الهواء بالمُدن ذات
الكثافة السكانية العالية"، وينظر العلماء حاليًّا في الية لاستثمار الفوائد
الصحية لعصارات "الدفلى" التي باتت تستخدم في العقاقير كمقويّات لجهاز
المناعة وكعلاج طبيعي لبعض الأمراض.
وبتنامي مستوى الوعي بخصائص
هذه الشجرة، التي يُطلق عليها محلياً "الحبن" وبعد تدارس وضعيها: الإيجابي والسلبي، بدأ الكثير من المواطنين
والمُقيمين بالسلطنة يتوجّسون خوفاً، ويفكرون مليّا قبيل الشروع في غرسها بالساحات
الداخلية لمنازلهم، والجميع يترقّب وجهات نظر جهات الاختصاص "العلمية" وما
قد تُسدي به من "نصائح" حول الاثار الصحية والبيئية المترتبة على زراعة
هذه الشجرة في منازلنا فضلاً عن توسّع انتشارها في الحدائق والمنتزهات العامة.