السبت، 18 أبريل 2020

الإحتفاء باليوم العالمي للتراث

 
أثار من موقع قميرا بولاية ضنك (المصدر: وزارة التراث والثقافة)
تدوين: يحيى السلماني

تحت شعار: "ثقافات مشتركة، تراث مشترك، مسؤولية مشتركة" تشارك السلطنة اليوم شقيقاتها دول العالم اليوم العالمي للتراث الذي يصادف الثامن عشر من شهر إبريل من كل عام. يأتي الاحتفال بهذا اليوم بعد إقتراح تقدم به المجلس الدولي للمعالم والمواقع(ICOMOS)   في عام 1982م، ووافقت عليه الجمعية العامة لليونسكو في العام الموالي 1983م.
يهدف الاحتفاء بهذا اليوم تعزيز مستويات الوعي بأهمية التراث الثقافي للبشرية في مختلف دول العالم، وحثها على مضاعفة الجهود لحماية التراثين الطبيعي والإنساني.  
يشير التقرير الصادر عن وزارة التراث والثقافة إلى أن السلطنة تحظى بتنوع عناصرها  الثقافية، فعلى مدى آلاف السنين أقيمت مستوطنات ومجتمعات مارست طقوسا مختلفة  من الأنشطة، وتواصلت هذه المجتمعات بحيوية مع الحضارات المجاورة، وقد تم إدراج العديد منها في قائمة التراث العالمي التابعة لمنظمة اليونسكو. وحفاظا على مختلف المواقع الأثرية بالسلطنة، فقد أصدر قانون التراث الثقافي المنبثق عن المرسوم السلطاني رقم 35/2019.
علاوة على أن السلطنة ممثلة بالوزارة لا تتوانى في تقديم الدعم الجاد للبعثات الأثرية، واهتمامها بمشاريع الترميم والصيانة للعديد من المعالم الأثرية والتاريخية، من بينها على سبيل المثال لا الحصر: مواقع بات والخطم والعين بولاية عبري، كما تهتم الوزارة بموقع "قميرا" بولاية ضنك باعتباره أحد المستوطنات البشرية التي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري، كما تعمل الوزارة على تأهيل موقع "عقير الشموس" الكائن بولاية ينقل والذي يعد أول موقع أثري مرتبط بتعدين وإنتاج الحجر الصابوني يتم اكتشافه على مستوى المنطقة، كما أن هناك موقع الصفا (عقدة البكرة) بولاية عبري واحد من أهم المواقع الأثرية المكتشفة حديثا لتعدين النحاس، ويعود إلى الألف الأول قبل الميلاد ويقع على طريق التجارة القديمة الذي يعبر الجزيرة العربية والمعتمد اقتصادها على صناعة النحاس وتصديره عن طريق القوافل إلى الحضارات المجاورة كحضارتي "دلمون وبلاد الرافدين". علاوة على حصر 348 مسجداً أثرياً في كافة محافظات السلطنة.
ويشير التقرير إلى أهمية إنضمام السلطنة مؤخراَ إلى "اتفاقية حماية التراث الثقافي المغمورة بالمياه" بناءً على المرسوم السلطاني رقم (29/2020)  باعتبارها أحد أهم المعاهدات الدولية التي مثلت إعترافا رسمياً بأهمية التراث الثقافي المغمور بالمياه كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي للإنسانية جمعاء، وكذلك أهميته الكبيرة في تاريخ الشعوب والعلاقات الحضارية بين الأمم، كما أنها في الوقت ذاته تبيّن المُهددات التي قد تؤثر على التراث الثقافي المغمور بالمياه من آثار الممارسات والانشطة غير المرخصة. وتهدف الاتفاقية إلى  الحد من الاستغلال التجاري لمواقع التراث الثقافي المغمور بالمياه بالطرق غير المشروعة التي قد تُهدّد مُفردات هذا التراث.


الأحد، 12 أبريل 2020

مراقبوا الحياة الفطرية...شكراً!


تدوين: يحيى السلماني
غير مره، خصصت مدونة "موائل" مساحة متميزة لتغطية أكثر من عملية لتهريب الحيوانات والطيور العمانية بمختلف محافظات السلطنة، وخلال الأسبوع الجاري، تمكّن مراقبو الحياة الفطرية بوزارة البيئة والشؤون المناخية بالتعاون مع مكتب حفظ البيئة التابع لديوان البلاط السلطاني من القبض على من شاركوا في عملية صيد جديدة لحيوان الغزال العربي بمحافظة شمال الشرقية، حيث تم مصادرة جميع المضبوطات وإحالتهم لاتخاذ الإجراءات القانونية حيالهم، حسب الخبر الصادر من جهات الإختصاص. 

هذه المرة، لم يدهشنا خبر هذه العملية فحسب، بل ما أدهشنا هو تلاحق وتكرار وتتابع مثل العمليات في فترات زمنية قصيرة، ولكن، في المقابل، ولدّ لدينا خبر "القبض" هذا نجاح معنوي وثقة كبيرة بزملائنا ممن يخصصون جل أوقاتهم مراقبين ومتابعين بحرص شديد لأنواع الحياة الفطرية بمختلف ربوع السلطنة، إدراكاً  منهم بأنها ثروة طبيعية ثمينة والمحافظة عليها واجب وطني.

وبهذا نجد أن الجهود التي تبذلها السلطنة في هذا الإطار، وما زالت، قد آتت أكلها، فحرص السلطنة، منذ وقت مبكر، على إنشاء مجموعة من المحميات الطبيعية بمختلف مناطقها، وحرصها أيضا على تأهيل عدد ، لا بأس به، من السكان المحليين وتدريبهم ليصبحوا متمكنين من مراقبة محاولات الصيد الجائر الذي تتعرض له مختلف الحيوانات والطيور العمانية، أصبحت له ضرورياته في الوقت الراهن.  

نتسائل: إلى متى ستصبح مفردات الطبيعة العمانية عرضة لمثل هذه الانتهاكات؟ سؤال يبقى مطروحا على كل من يهمه الأمر....!!!

الاثنين، 6 أبريل 2020

"كورونا" يُحرج "صاحبة الجلاله"...!

تدوين: يحيى السلماني
لم يكتفي فيروس "كورونا" (كوفيد – 19) بزهق أرواح البشر، وعزل الوسط الإجتماعي عن مزاراتهم الدينية وفصل المدرسين قبل الطلبة عن مؤسساتهم التربوية، وفرض الإقامة الجبرية والإنصياع إلى تطبيق سياسة "التباعد الإجتماعي" بين أفراد الأسرة الواحدة، بل تعدّى ذلك لتلامس تأثيراته المباشرة عرش "صاحبة الجلالة"، فأوقف دورة محركّات المطابع الصحفية، وباتت أرفُف المنصّات التجارية خالية من أي نوع من الصحف والمجلات المطبوعة.
وعلى وقع حالة "الذبول المتدّرج" الذي تعيشه الصحافة المطبوعة (الورقية) بالسلطنة، فقد طوت بعض الصحف أشرعتها منذ سنوات، ويبدو أن ما تبقّى من "رفيقاتها القلائل" ستسلك ذات المسار لا محاله، فأزمات الصحافة المطبوعة (الورقية) قد بدأت تتوالى في السابق الواحدة تلو الأخرى لأسباب تذبذب أسعار النفط، وازدهار ثقافة منصات التواصل الإجتماعي على الإنترنت، وبهذا كان من الملحوظ أن تشهد صحافتنا المطبوعة (الورقية)، خصوصاً خلال العقد الأخير، تراجع ملحوظ في أعداد نسخها، فتقلّصت جغرافية توزيعها، وعانت من انخفاض معدلات الاشتراكات ونسب الشراء، ولم يقوى بعضها على مواجهة تكاليف الطباعة والورق والأحبار التي تتزايد أسعارها عالمياً يوماً بعد يوم، ممّا ترتّب عليه تسريح بعض موظفيها، وتقليص عدد صفحاتها، وغياب مُستكتبيها، فأثّر كل ذلك، بدون شك، على مستوى مضمون مادتها التحريرية، وبهذا أضحى من غير المنطقي توفّر الصُحف المطبوعة، في حين أن " 90% من محتواها يتوفّر مجاناً قبل نشره بيوم كامل"، لذا، انحصر الاهتمام بها فقط في دوائر العلاقات العامة والإعلام بالمؤسسات الرسمية التي، رُبّما، كانت وما تزال المصدر الأول لتمويلها وتأمين بقائها.  
 اليوم يأتي فيروس "كورونا" ليستكمل دور المواقع الإلكترونية ضدّها، فتكسب هذه الأخيرة رهان المنافسة.  ويبدو أن قرار تعليق إصدار الصحف الورقية، وإن كان في مثل هذه الحالة الإستثنائية مقبولا، يُعدّ بمثابة إطلاق "رصاصة الرحمة" عليها، باعتبار أن التجربة الحالية أعطت مؤشرات واضحة تُدلّل على أنه أصبح بالإمكان الاستغناء عنها لمدة شهر أو أكثر دون وجود أيّ عثرة تُحد من تدّفق المادة الإخبارية (المعلوماتية) وانسيابية تداولها والتفاعل معها في ان معا.
في المجمل، فإن تسارع "التكنولوجيا الرقمية" دفع كبريات الصحف الورقية في العالم منذ سنوات إلى الإغلاق، وأصبح غالبية الناس يستقون الأخبار من المواقع الإلكترونية، مؤذناً بخفوت وهج الصحف الورقية، منها على سبيل المثال لا الحصر: جريدة بوسطن غلوب وأنجلوس تايمز، ومجلة تايم الأمريكية، كما أن بعض المؤسسات الصحفية التي لم يهُن عليها فقدان نسخها الورقية، اتجهت طواعية إلى إنشاء مواقع إلكترونية لجرائدها تتضمن  ذات المحتوى كخيار اخر للبقاء، مثال ذلك ما أعلنت عنه إدارة جريدة "صوت الأزهر" التي حجبت نسختها الورقية "مؤقتا"، ووفّرت إدارة تحريرها سياسة "العمل من المنزل"، مع التوسُّع فى تقديم الخدمات الإلكترونية للآلاف من المشتركين والقُرَّاء في مصر والعالم الإسلامي.
ولمواجهة ذات الظروف، فقد أعلنت عدة صحف فرنسية وبلجيكية عن تدابير تركّز على النسخ الرقمية، من بينها صحيفتي "20 دقيقة"، وصحيفة "المساء الواسعتي الإنتشار، وأتاحتا الولوج مجاناً إلى المحتوى المتعلّق بأخبار وتقارير الوباء الجديد على مختلف منصاتها الرقمية. وفي أميريكا التي تُصنّف أحد أكثر الدول تضرراً بفيروس "كورونا" في العالم، شهدت صحافتها هزّات أدت إلى تقليص ملحوظ في عدد المطبوعات على غرار ما أعلنته مؤسسة "ميركيري" للنشر عن وقف نشر صحيفتها البديلة "بورتلاند ميركيري"، ذات الحال لحق بصحيفة "ذا كولومبيان" التي قلّصت طاقمها في ظل انخفاض الإعلانات نتيجة الوضع الصحي الذي أربك مختلف مؤسسات الدولة.
اليوم، وللتجاوب مع إرشادات "خليّك في البيت"، ومراعاة لسياسة "التباعد الإجتماعي" التي فرضها "كورونا"، باتّت منصات التواصل الإجتماعي مثل: تويتر، فيس بوك، واتس اب، إضافة إلى فصائل متنوعة من المدونات الإلكترونية تلعب دوراً إستثنائياً في نشر المعلومات وبث الأخبار بسرعات فائقة أكثر من أي وقت  مضى، وتعدّد هذه المنصّات أضحت، بدون أدنى شك، الوسيلة الأولى لنا "كعمانيين" لتلقّي الخبر الصائب والرسائل التثقيفية الصادرة عن جهات الإختصاص، وتُصنّف الوسيط الأنسب لمتابعة تطّور الفيروس وقياس حجم انتشاره على المستويين المحلي والدولي. ولأهميتها، فقد تحوَّلت هذه المنصّات، بالنسبة للكثيرين، إلى "فضاء تفاعلي" يُعبّر فيه بعض الصحفيين بما فيهم المدوِّنين والمغردّين عن رؤيتهم بحريّة أوسع، بعيداً عن قيود حرّاس "البوابات الإعلامية" التي ما تزال المؤسسات الصحفية تُمارسها.
في الضفة الأخرى، وبحكم مُتابعتنا اليومية "اللاهثة" لمنصّات التواصل الإجتماعي، نلمس أن ما يُعيب هذه الوسائط الرقمية اعتمادها في أحايين كثيرة، على أساليب الإثارة، فوفّرت، بكل أسف، مساحات واسعة لنشر الإشاعات، وبث رسائل مُفبركة، بل تعدّى ذلك إلى التجرؤ لانتهاك خصوصيات حياة الناس، وشجّع محتوى بعض هذه المنصات، في حالات كثيرة، على "إلهاء" المتلقي عوضاً عن إمداده بمعلومات قيّمه وحقائق موثّقة تتزامن مع وتيرة الأحداث الراهنة.
وبذلك أصبح محتوى (مضمون) هذه الوسائط فارغاً مُبتذلاً مُفتقداً لقيمته الإخبارية، فالمنتسبين لبعض هذه المنصّات هُم من "صحافة الهواة"، وبحساباتهم الرقمية، باتوا يبحثون عن تحقيق "السبق الصحفي" وإن غابت عنه الدقّة والموضوعية، كما لا يتوانون في انتهاج أساليب الابتزاز والتشهير، كل ذلك بهدف "التربّح" وفي أحيان أخرى رُبما "للتشّفي"، وهو ما أفقد  مضمون الرسالة الإعلامية في عدد من المدونات والمنصات الرقمية مصداقيتها ونزاهتها، وغيّب موضوعيتها، وأضحت بعيدة، كل البعد، عن التزامها بأدنى معايير الأخلاقيات المهنية للصحافة والإعلام.
 وتبعاً لذلك، كان لا بد من الجهات الرسمية بالسلطنة أن تُفعّل، في المقابل، أدوار منصاتها الإلكترونية لتتصدّر المشهد المعلوماتي، وتسعى بمنصاتها جاهدة لدرء الشائعات حول ما يثار ويقال عن الفيروس "كورونا"، كما تعمل هذه الجهات، في ذات الوقت، على توسيع قاعدة برامجها التوعوية قدر الإمكان، وقد حذرت الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، في وقت سابق، من نشر أو بث الشائعات والأخبار الكاذبة والمشكوك في صدقيّتها.
فصل القول: فرضت المواقع الإلكترونية ومنصّات التواصل الإجتماعي نفسها، مع اختلاف الظروف، وقد أسهم "كورونا"، باعتباره جزء من هذه الظروف، في تعزيز دورها، وهذا يؤكّد ما كان يؤمن به الفيلسوف "مارشال ماكلوهان" الذي أشار في عام 1964م بأن "الاختراعات التكنولوجية المهّمة هي التي تؤثر تأثيرا أساسياً على المجتمعات"، فالرصد الذي اتبعه "ماكلوهان" في تطّور المجتمعات وتحولّها من الثقافة الشفهية إلى اللغة المكتوبة ومن الثقافة المكتوبة إلى الثقافة الإلكترونية جعله يتصّور أنه أدرك نهاية هذا التطور باكتمال بناء "القرية العالمية" التي تتوّحد فيها حاجات الناس ومتطلباتهم إلى جانب وعيهم ومواقفهم ورؤاهم وربما مشاعرهم حيال الآخرين والأشياء...!
حتماً ستتلاشى "رائحة حبر" الصحف المطبوعة (الورقية)، وسنفتقد رفقة "صاحبة الجلالة" التي عهدناها لعقود في منازلنا ومكاتبنا ومجالسنا، ها نحن نودّعها بعين حانية، وقلب مُتحرّق. على المستوى الشخصي، وعلى الرغم من أنني أنتمي إلى "جيل الصحافة المطبوعة" قارئا قبل أن أكون كاتباً لما يربو على رُبع قرن، فإنني أجد نفسي مُستجيباً، دون تذمّر، للتغّير الطبيعي الذي يفرضه واقع اليوم، مؤمناً بأنّ الوقوف أمام عجلة "الثورة التقنية" يبدو كمن "يعوم ضدّ التيّار".  
وبهذا، ليس لنا في هكذا ظروف إلا أن نلتمس من "صاحبة الجلالة" العُذر، متعهدّين ببقاء "حبل المودّة بيننا موصول" وإن حاولت "الصحافة المرقمنة"، قبل "كورونا" قطعه، ويحدونا الأمل في أن تلعب "الصحافة المرقمنة" دور "المُكمّل" لما أسسّته "صاحبة الجلالة" لقرون مضت منذ بدء مشوارها الحقيقي في أوروبا  (ألمانيا) في مطلع القرن السابع عشر الميلادي.

خور الملح موطن الذهب الأبيض

  تدوين: يحيى السلماني مع بداية فصل الصيف التي تمتد من مايو حتى شهر أكتوبر تنشط وتيرة انتاج الملح بالطريقة التقليدية في ولاية قريات. وبنهاية...