تدوين: يحيى السلماني
على
بعد عشرات الأمتار، تقع حارة الرمل التي تعتبر واحدة من الحارات الأثرية العريقة
بالسلطنة. حيث يعود تاريخ بناء هذه الحارة لأكثر من 300 عام، وتم بناؤها بوسط
مدينة عبري على منحدرات جبل الرمل.
تمتاز
بتلاصق بيوتها الطينية، ومن لا يعرف مداخل ومخارج هذه الحارة سيتوه بين ممراتها الضيقة التي تُحاكي
أنماط الهندسة المعمارية العمانية، فبيوت الحارة تتميّز بالشرفات المفتوحة والنوافذ والابواب
الخشبية العتيقة، كما تتباهى مداخلها الرئيسية والفرعية بعشرات الأقواس المستوحاة من فنون العمارة
العربية والإسلامية، وتتزيّن أسقفها التي شيدت بجذوع النخيل بألوان زيتية زاهية تتشابه مع تلك المنقوشة في بعض الحصون والقلاع العمانية.
بكل تلك المقومات التاريخية والجمالية، تعتبر الحارة اليوم معلما حضاريا وسياحيا حيث تُجسّد طراز حياة الإنسان العماني وعبقريتة
في استخدام في استغلال خامات البيئة الطبيعية بشكل مذهل.
يؤكد
السكان المحليين أن هذه الحارة كانت تعتبر المركز الشتوي لجميع الساكنين بولاية
عبري، وذلك نظراً لتدني درجات الحرارة في المزارع، وبهذا فأن بيوتها الطينية توفر
الدفء خلال فصل الشتاء القارس، كما أنها قريبة من فلج "المفجور"
الذي يمد هذا الحي السكني بالمياه.
تضم
هذه الحارة ثلاثة مساجد هي مسجد سدرة الرمل، ومسجد الشريعة، ومسجد الحارة، ويوجد
بأعلى الجبل برجان، وبها كهف كبير يصل إلى الجانب الآخر للحارة قديماً، كما يوجد
بها سدرة عريقة يزيد عمرها عن ٤٠٠ عام تقريباً، وتسمى (سدرة الرمل)، حيث كان
البدو الرحل يبيتون تحتها، وبهذه الحارة أقدم مدرسة اسمها مدرسة "الإصلاح"
وكان بها مدرسة تعليم القرآن الكريم تقع بين مسجد الشريعة وبرجها القديم.
يُطالب
الأهالي الجهات المعنية كوزارة التراث والسياحة بضرورة الإسراع في ترميم بيوت
الحارة، والتخطيط لتكون معلماً ومقصداً سياحياً، والسماح للقطاع الخاص باستثمار
هذا الموقع التاريخي بما يتوافق مع النظم المعمول بها في المجال السياحي
بالسلطنة.
يشير
أحد المختصين في مجال التراث أنه في عام 2004 صدر مرسوم سلطاني رقم (25/2004)
بتقرير صفة المنفعة العامة لمشروع حارة الرمل، وذلك للأهمية التاريخية التي تمثلها
الحارة، حيث تعد إرثا تاريخيا وحضاريا للإنسان العماني.
"مما
لا شك فيه ان ترميم تلك البيوت يعد بمثابة إعادة شيئا من التراث العماني، ولكن لم نرى أي تحرك من قبل جهات الإختصاص منذ
تاريخ صدور المرسوم السلطاني، فالحارة ما تزال مُهملة، وبيوتها تُعاني من الانهيا،
خصوصا وأن ولاية عبري تشهد أمطار غزيرة بين الوقت والأخر، وهو ما أدى إلى مسح
الكثير من تفاصيل الطراز المعماري، وبهذا فمع مرور الأيام قد يزيد هذا الإهمال في
تكلفة ترميم هذا الموقع التاريخي"، أشار أحدهم.
ما
يزال الكثير من مواطنون الولاية يأملون من الجهات المختصة الإسراع في النظر على
هذا الموقع بعين الجدية، ويقترحون أن يرافق مشروع التطوير تعيين مرشدين سياحيين،
وإنشاء مكتب سياحي مع عمل استراحات مستوحاة من التراث بهذه الحارة القديمة
الأثرية. كما يجب وضع مخطط سياحي لها يتمثل في استغلال بيوتها كنزل تراثية وبناء
مقاهٍ ومطاعم تقدم الوجبات العمانية الشهية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق